الاثنين، 9 مايو 2011

موقع المدينة وأهميته



يأتي موقع منطقة المدينة المنورة في شمال غرب وسط المملكة، حيث تشمل مساحة واسعة تمتد بين خطي طول (30َ 36ْ و 15َ 42ْ شرقاً)، ودائرتي عرض (30َ 22ْ و 30َ 27ْ شمالاً)، وتبلغ مساحتها نحو 153.8 ألف كم2 وهو ما يعادل 6.72% من إجمالي مساحة المملكة.
أهمية الموقع




تتضح أهمية موقع منطقة المدينة المنورة من عدة اعتبارات استراتيجية (دينية ومكانية واقتصادية) محلية وإقليمية وعالمية وفيما يلي عرض تحليلي لأهمية الموقع.



أولاً: الأهمية الدينية
تكتسب المنطقة أهميتها الدينية من وجود المدينة المنورة، حيث المسجد النبوي الشريف الذي يؤمه ملايين الزائرين كل عام من جميع البقاع في العالم مما أعطى للمكان خصوصية خاصة ودائمة أبد الدهر. وغني عن الذكر حيث تفردت المدينة المنورة بأهميتهما الدينية في العالم الإسلامي، فالمدينة المنورة مكان رباعي الأبعاد بينما سائر الأماكن باستثناء مكة المكرمة والقدس الشريف هي أماكن ثنائية الأبعاد، بمعني أن البعد المكاني والزمني هما الأبعاد التي تحدد معالم الموقع بشكل عام، أما في حالة المدينة المنورة فيضاف إليها بعدان آخران وهما بعد الاتصال بالسماء عن طريق الوحي، أما بعدها الرابع فيرجع لارتباطها بالجنة التي أعدها الله لعبادة المؤمنين نظرا لوجود أماكن مثل جبل أحد والروضة الشريفة، لأنها بعض من الجنة كما ثبت في صحيح الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم.
كما أن للمدينة المنورة أفضلية خاصة تمتد لتشمل العديد من العناصر مثل التراب والزرع والصاع والمد، وأيضاً قد تلحق الأفضلية والخصوصية بما داخلها من شجرها وصيدها في حدود الحرم، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على سكناها، لذلك فقد اكتسبت المدينة المنورة أهميتها منذ أن حل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجراً منذ ما يزيد على أربعة عشر قرناً من الزمان، مما أضفى عليها وعلى نطاقها الجغرافي أهمية خاصة ومتفردة.


ثانياً: الأهمية المكانية
ترجع الأهمية المكانية لمنطقة المدينة المنورة إلى أنها تتوسط العالم الإسلامي بالإقليم الغربي من المملكة العربية السعودية، ومنذ القديم وقبل الإسلام كان لموقع المدينة المنورة أهمية خاصة على طريق القوافل الدولي القديم (البخور) والذي يربط جنوب الجزيرة العربية ببلاد الشام، حيث تميز الموقع بوفرة الموارد المائية وخصوبة التربة، وتميزها بالحصانة الطبيعية، وبعد توطن الإسلام بها وانتشاره خلال ربع قرن من الزمان تحولت أهمية موقع المدينة من محطة تجارية إلى عاصمة سياسية لدولة متراًمية الأطراف تمتد من بلاد فارس شرقاً حتى مصر غرباً، ورغم تحول وظيفتها السياسية كعاصمة للدولة الإسلامية حتى نهاية عصر الخلفاء الراشدين وانتقال العاصمة إلى الكوفة ثم دمشق ثم بغداد إلا أنها ظلت محتفظة بأهميتها الدينية لكونها البقعة المقدسة التي يشد إليها الرحال من قبل المسلمين لزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قبره الشريف وصاحبيه رضي الله عنهما.
ومن العوامل التي أكدت الأهمية الاستراتيجية لموقع المدينة المنورة قيام الدولة العثمانية في الماضي بربطها ببلاد الشام بخط سكة حديد عام 1326هـ ، مما ساعد على انتعاش الأحوال الاقتصادية وسهولة اتصالها بالعالم الخارجي، غير أن ما أصاب خط السكة الحديد من تخريب خلال الحرب العالمية الأولى عام 1332هـ (1914-1917م) أدى إلى تضاؤل أهمية الموقع مرة أخرى.
واستمر الحال إلى قيام المملكة العربية السعودية عام 1351هـ، حيث بدأت عصراً من الازدهار والتطور ويرجــع السبب في ذلك ليس لأهمية الموقـع الجغرافي فقط بل إلى سياسة الدولة في التوظيفات المالية الضخمة لمشاريع التنمية وبصفة خاصة في المدينة المنورة التي كان لها نصيب كبير من خطط التنمية الخمسية خلال العقود المنصرمة.


ومن العوامل التي تزيد من أهمية الموقع الجغرافي للمنطقة ارتباطها بباقي مناطق المملكة بعدد مــن محاور الطرق الإقليمية، فقد وجد باستخدام طريقة مصفوفة الترابط (Binary Connection Matrix ) أن المدينة المنورة تأتي في المرتبة الأولى بين جميع مدن المملكة من حيث درجة اتصالها، ويلاحظ أن المدينة المنورة تربطها محاور الحركة الإقليمية ليس بداخل المملكة فقط بل بالدول الأخرى مثل الأردن وسوريا وتركيا ومصر وكذلك دول الخليج العربي، كما أن قرب الموقع من مكة المكرمة يمثل أهمية خاصة للموقع المكاني لمنطقة المدينة المنورة لارتباط المدينتين المقدستين منذ بزوغ فجر الإسلام ببعضهما.


ثالثاً: الأهمية الاقتصادية
تمثل منطقة المدينة المنورة أهمية خاصة في الاقتصاد الوطني، فهي تشمل عددا من الأنشطة الاقتصادية ومن أهمها الأنشطة الصناعية حيث توفر المدينة المنورة مركزاً للصناعات المتوسطة والصغيرة في حين توفر ينبع مركزاً للصناعات الكبيرة وأحد أهم المراكز الصناعية على المستوى الوطني، كما يعد النشاط التعديني من أهم الأنشطة الاقتصادية التي أبرزت أهمية المنطقة اقتصاديا حيث يوجد بمنطقة المدينة المنورة واحد من أهم مناجم الذهب بالمملكة، كما تمثل المدينة المنورة أحد المراكز التجارية الرئيسة نظراً لوجود المسجد النبوي الذي يؤمه ملايين الزائرين وخاصة في موسمي الحج والعمرة مما يشكل رواجاً تجارياً هاماً بالمنطقة بصفة خاصة وعلى المستوى الوطني بصفة عامة، ومن الأنشطة الاقتصادية الهامة بالمنطقة القطاع الصناعي والزراعي والثروة الحيوانية والسمكية وقطاع السياحة وقطاع التعدين والاستخراج.



0 التعليقات:

إرسال تعليق